أجل .. تلك هي شيم سلمان وشمائله الحسان يجزم كل من عمل مع سيدي صاحب السمو الملكي الأمير الجليل سلمان بن عبدالعزيز آل سعود , ولي العهد , نائب رئيس مجلس الوزراء , وزير الدفاع , فترة تسلمه إمارة منطقة الرياض لنصف قرن من الزمان , أن سموه الكريم كان أول مسؤول يصل مكتبه في الأمارة , وفي الوقت نفسه , آخر من يغادر مكتبه فيها . وبين هذا وذلك , ينكب على العمل بكل تفان وإخلاص , فيشرح على المعاملات ويحيل كل واحدة منها لجهة الاختصاص , ويستقبل المكالمات الهاتفية , وضيوفه من داخل البلاد وخارجها , كما يستقبل المراجعين , وينصت لمشاكلهم ويستجيب لكل منهم في الحال . ولهذا شهدوا له ايضاً بمثل ما شهد له به من عمل معه , من همة وإخلاص ومسؤولية , وتقدير للأمانة , وحرص أدائها على أكمل وجه ممكن وحب فياض لهذا الشعب الوفي النبيل , وهذا الوطن الشامخ الراسخ بعقيدته الصافية النقية . ومع كل هذا الجهد , لم يحدث أن غادر مكتبه يوماً وترك عليه معاملة , مهما كان شأنها إلى الغد , لأن العمل عنده أمانة قبل أن يكون مسؤولية . وبجانب شخصيته الإدارية الفذة , فقد كان سموه يمارس دوره الاجتماعي بامتياز شديد , فيشرف أفراحنا , ويواسي مكلومينا , ويزور مرضانا ويشيع موتانا الى مثواهم الأخير, ويقودنا كلنا في أعمال الخير التي ترفد جهد الدولة في رعاية المجتمع , ويسبقنا عليها بسخاء منقطع النظير . وكلنا نشهد أن سموه الكريم كان يمارس دورة بمسؤولية فريدة , حتى عندما تضطره الظروف لمغادرة الرياض التي ارتبطت به وأرتبط بها , لدرجة أن أحد لا يذكر الرياض إلا بذكر سلمان والعكس صحيح .. فلا أحد يذكر سلمان إلا تراءت له الرياض وما شهدته من نقله نوعية فريدة في عهده , بتوفيق الله سبحانه وتعالى , ثم بجهد سلمان وطموحة وعشقه حتى لذرات رمالها , وريح صباها , المعتق بعبق تاريخها المجيد , فتحولت كما يقول سموه الكريم عنها , من مدينة صغيرة جداً في قلب الصحراء الشاسعة , تعيش على امكانيات متواضعة جداً في كل شيء , إلى أحدث مدينة وأرقاها في الشرق الأوسط , ومع هذا يقول بتواضع العلماء : أرجو ألا ينسب لي الفضل وحدي , فإن كنت عملت فهذا واجبي , لكن الفضل للجميع , الفضل لمن أعمل معه وأتعامل معه , ومن يقدمون جهدهم وأكون أنا في الواجهة , مؤكداً بقول الشاعر : وما أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت و أن ترشد غزية أرشد ومعقباً بلباقتة المعهودة : وغزية الحمد لله ، لم تغو ولن تغوي ، إن شاء الله ، بل راشدة دوماً . ومع هذا وذلك , كان سموه الكريم يستقبل المواطنين من كافة شرائح المجتمع في يوم معلوم من كل أسبوع , فتجد في مجلسة طالب العمل والأكاديمي والمسؤول والشاعر والأديب والمؤرخ والسياسي , وصاحب الحاجة وصاحب المشورة وغيرهم , فضلاً عمن يأتون متفرقين على مدار الاسبوع لحاجة طارئة , فأبوابه دائماً مفتوحة , وتلك هي ميزة فريدة لقاداتنا الأماجد كلهم , حفظهم الله ورعاهم , بدءاً من الملك المؤسس , والد الجميع , عبدالعزيز آل سعود الذي رسّخ البنيان وحدد المنهج . أجل .. هكذا عهدنا سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله , عندما كان أميراً للرياض , وأرتبط به كل واحداً من أهلها وجدانياً , ولدرجة أننا كنا نفتقده عندما يغيب عنها لأي طارئ , مثلما يقفد أحدنا والده ويشعر بوحشه لغيابه , حتى إذا عاد إليها بالسلامة شعرنا بالارتياح والاطمئنان . وعندما أقتضت إرادة الله سبحانه وتعالى , أن يترجل سموه الكريم عن كرسي الأمارة ليتولى وزارة الدفاع , ثم ولاية العهد , أشفقنا عليه , لأننا نعرف ما تتطلبه مثل تلك المسؤوليات من عمل وجهد وفكر وسفر , ونعرف تقديره للعمل والمسؤولية والوفاء والأمانة , مهما كلفة ذلك من مشقة , غير أننا في الوقت ذاته , ندرك جيداً أنه خير من يضطلع بالعظيم من الأمور , ويؤكد هذا ما كان يقوله سموه الكريم أيام تسلمه آمارة الرياض : إن عملي في الرياض , لم يعن فقط الاهتمام بالرياض وحدها , بل لأن الرياض رمز لهذه المملكة , المملكة التي قامت دعائمها وأسسها على كتاب الله وسنة رسوله , المملكة التي عندما وحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل وأبناء هذه البلاد , وبمعونة الله قبل كل شيئ , ثم بمعونتهم , لم يوحد أرضاً فقط , بل وحد القلوب . أقول : عندما تولى سلمان تلك المسؤوليات , أشفقنا عليه من إجهاد نفسه بالعمل الدؤوب كما عهدناه دائماً , مع أننا ندرك يقيناً أنه ( رجلاً معروفاً بكل شواهد تعدد الكفاءة ) كما أكد الأستاذ تركي عبدالله السديري , رئيس تحرير جريدة الرياض في عموده الشهير ( لقاء ) في عدد الثلاثاء 8 من محرم 1435هــ , 12 من نوفمبر 2013م , العدد 16577 , بعنوان : نعم .. لنا جزالة حضور وعلاقات . وأوكد هنا ما ذهب إليه الأستاذ السديري , مضيفاً : أن سلمان يعد اليوم أحد أبرز صناع جزالة ذلك الحضور وتلك العلاقات . كما خشينا بجانب هذا , ألا يجد سلمان وقتاً لنا كالسابق , فنحرم من مجالسه العامرة التي نجد فيها المتعة والأنس والعلم والإرشاد والتوجيه , وتلك المحبة الصادقة بين أبناء الوطن . وخشينا ايضاً أن تأخذه تلك المسؤوليات عنا , فتفقده صالة أفراحنا وخيمة عزائنا ويفتقد طلته البهية مرضانا في المستشفيات والبيوت غير أن أبا فهد فاجأنا كعادته دائماً , فزاد ارتباطه بنا , وحرصه على لقائنا , وتشريفه لكل مناسباتنا وتفقد أحوالنا , والاطمئنان علينا أينما كنا. كتبت هذا وأنا أطالع الصحف الصادرة يوم الاثنين السابع من محرم 1435هــ وهي تحمل لنا زيارة سموه الكريم بعد ظهر يوم الاحد 6/1/1435هـ , للشيخ ثنيان بن فهد الثنيان في منزله بمدينة الرياض , للاطمئنان على صحته أثر تعرضه لوعكة صحية . فعلق الشيخ الثنيان على زيارة سلمان التي اسعدته كثيراً , قائلاً : هذا خلق سلمان وإنسانيته ومحبته , وتواضعه .. مؤكداً أن سلمان منذ بواكير شبابه وهو في تواصل مع مواطنيه .. زائراً لمريضهم في المستشفى أو المنزل , مواسياً لمكلومهم , ومهنئاً لسعيدهم , سائراً على طريق والده العظيم عبدالعزيز طيب الله ثراه , مشيراً إلى أنه عهد هذه الصفات في سمو الأمير سلمان من خلال قربه منه . ليس هذا فحسب , بل حتى عندما كان في مقره الصيفي في جدة , شاهدنا سموه أكثر من مرة , مشرفاً الشيخ صالح كامل والأستاذ عبدالعزيز خوجه وغيرهما كثير , ممن زارهم سلمان أو تواصل معهم بالهاتف . والحقيقة , لا أجد أمام هذه الشخصية القيادية الفذة , إلا الابتهال إلى الله العلي القدير , أن يحفظ سموه الكريم لنا , ويمتعه بالصحة والعافية دوماً , وكلي ثقة أن كل من يقرأ هذا يؤمن على دعائي لهذا الرجل الكبير والأب العطوف فكلنا نحبه , بل نتنافس في حبه , مختتماً حديثي بالتأكيد مع الشيخ ثنيان بن فهد الثنيان : أجل .. تلك هي شيم سلمان وشمائله الحسان .. وإني على يقين أنه لن يتخلى عنها يوماً مهما كلفه ذلك من جهد ومشقة , لأنها أضحت عنده أسلوب حياة , قبل أن تكون مسؤولية , إذ تأصلت في نفسه الكريمة منذ ريعان شبابه كما أكد الشيخ الثنيان , ويؤكد كل من عاصر سموه وعاش قريباً منه .. فلا حرمنا الله من تلك الشيم والشمائل الحسان . بقلم اللواء الركن م. د. بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
Powered by WPeMatico
لا دلائل