واستهلت ” رويترز ” تقريرا بثته مساء الثلاثاء 24 ديسمبر ، بقصة التحالف الذي تم في خريف عام 2009 بين اثنين من أقوى الكيانات في إيران للمشاركة في أكبر صفقة في تاريخ البورصة الإيرانية”، موضحة أن الشريكين هما الحرس الثوري الإيراني وإمبراطورية شركات قوامها مليارات الدولارات يسيطر عليها مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي وتعرف باسم ستاد. وتقدم الحرس الثوري وستاد بعرض مشترك لشراء حصة مسيطرة في شركة الاتصالات الإيرانية (تي.سي.آي) التي كانت تتمتع بشبه احتكار لخطوط الهاتف الثابت في البلاد. وفاز الشريكان بالحصة مقابل 7.8 مليار دولار في أكبر عملية خصخصة تشهدها الجمهورية الإسلامية.
وتابعت ” رويترز ” :” أثارت الصفقة جدلا حينما ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الجهة التنظيمية المختصة وهي هيئة الخصخصة الإيرانية استبعدت عرضا آخر لشراء الحصة قبل إبرام الصفقة بيوم.
وكان رئيس هيئة الخصخصة في ذلك الوقت غلام رضا حيدري كرد زنغنه الذي أطلقت عليه إحدى وسائل الإعلام المحلية “السيد خصخصة”. وعلمت رويترز أن كرد زنغنه حصل على منصب آخر بعد أن ترك موقعه في هيئة الخصخصة بوقت قصير. ففي 2010 تم تعيينه عضوا منتدبا في شركة قابضة عملاقة ضمن إمبراطورية خامنئي. وأصبح كرد زنغنه في وقت لاحق أيضا رئيسا لمجلس إدارة شركة أدوية كبيرة تابعة لستاد أيضا. وأوردت “رويترز ” بالتفصيل الشهر الماضي كيف أصبحت ستاد واحدة من أغنى وأقوى المؤسسات الإيرانية وهو ما يرجع بشكل كبير إلى الاستيلاء المنظم على آلاف العقارات المملوكة لمواطنين عاديين وبيعها. وتم تعيين العديد من مسؤولي ستاد في مواقع حكومية رفيعة في السنوات القليلة الماضية. ففي أغسطس أصدر الرئيس الإيراني حسن روحاني قرارا بتعيين محمد شريعة مداري الذي كان عضوا في مجلس إدارة ستاد نائبا للرئيس للشؤون التنفيذية. وتظهر حالة كرد زنغنه أن هناك بابا مفتوحا بين ستاد والحكومة الإيرانية إذ يحصل مسؤولون حكوميون أيضا على وظائف في شركات مرتبطة بستاد.
وكرد زنغنه ليس المثال الوحيد. فقد تم تعيين محمد سعيدي كيا وزير الإسكان والتنمية الحضرية السابق رئيسا لمجلس إدارة شركة تدبير للإنشاءات وهي شركة قابضة أخرى تابعة لستاد بعد ترك منصبه عام 2009 بحسب ما أظهرته سيرة ذاتية على موقعه الإلكتروني الشخصي. ولم يرد كرد زنغنه وسعيدي كيا على طلبات للتعقيب. ولم يجب متحدث باسم ستاد على أسئلة بشأن تعيين الرجلين وقال إن إجراءات الموافقة على صفقة خصخصة شركة الاتصالات سليمة تماما.
ولا يمثل الباب المفتوح بين القطاع الخاص والسياسة حالة إيرانية فريدة بالطبع. ففي واشنطن عادة ما يستثمر السياسيون خبرتهم المتراكمة في وظائف استشارية مربحة في مجالات عدة مثل التعاقدات العسكرية. وكان خامنئي – الذي له القول الفصل في كل الشؤون الحكومية – داعما كبيرا لخصخصة أصول الدولة الإيرانية في السنوات التي سبقت صفقة شركة الاتصالات. ففي عام 2004 أمر خامنئي بمراجعة المادة 44 من الدستور الإيراني التي تخول الدولة ملكية الصناعات الحيوية. وأصدرت هيئة استشارية عينها الزعيم الأعلى تفسيرا جديدا للمادة 44 تسمح بخصخصة الصناعات الرئيسة. وقال تقرير ” رويترز”:” تم اختيار كرد زنغنه رئيسا لهيئة الخصخصة الإيرانية عام 2005 الأمر الذي وضعه في قلب حملة الخصخصة الجديدة. وقال كرد زنغنه في مقابلة مع صحيفة همشهري عام 2011 إنه أشرف على بيع أسهم بقيمة 67 مليار دولار على مدى خمس سنوات” ، مضيفا :” كان بيع الحصة المسيطرة في شركة الاتصالات أكبر صفقة تتم تحت إشراف كرد زنغنه”. وذكرت ” رويترز ” أن شركة اتصالات تسمى بيشكامان كوير كو أوبريتيف كانت تسعى للمنافسة . وفي 26 سبتمبر 2009 وهو اليوم السابق ليوم بيع تي.سي.آي تلقت بيشكامان خطابا من مسؤولي هيئة الخصخصة الايرانية يبلغها بعدم تأهلها للمشاركة في العملية.” واتضحت تلك الرواية في مقابلة مع العضو المنتدب لبيشكامان محمد رضا رضائي نجاد نشرتها وكالة فارس للأنباء. وأبلغ رضائي نجاد الوكالة يوم البيع “بخصوص المسألة .. تنظر بيشكامان كوير كو أوبريتيف إلى هيئة الخصخصة الايرانية باعتبارها المخطئ.” وأبلغ كرد زنغنه وكالة فارس أن هيئة الخصخصة لم ترتكب اي مخالفات. وقال إن بيشكامان انسحبت من المنافسة قبل يوم أو يومين من البيع. وقال مسؤول آخر في الهيئة في وقت لاحق إن بيشكامان لم تتمكن من خوض المنافسة لأنها لم تحصل على موافقة أمنية. وأعلن فوز اتحاد شركات يدعى “توسعه اعتماد مبين” بالصفقة. وكانت مجموعة ستاد تمتلك من خلال وحدة تابعة لها 38 بالمئة في الكونسورتيوم وفقا لوثائق داخلية لستاد اطلعت عليها رويترز. وأظهرت الوثائق أن شركة أخرى تحدثت أنباء عن أنها تابعة للحرس الثوري تملك 52 بالمئة بينما كان أحد البنوك المحلية يمتلك 10 بالمئة.
وردا على سؤال بشأن دور كرد زنغنه في فوز الكونسورتيوم قال حامد واعظي مدير العلاقات العامة في ستاد في رسالة بالبريد الالكتروني “الاستحواذ على اسهم تي.سي.آي تم من خلال عروض ببورصة طهران.. ولا يمكن لأي شخص أن يلعب أي دور في تطبيق قواعدها وأي معاملة تتم من خلال البورصة.” وفي 29 سبتمبر 2010 بعد أكثر بقليل من شهر من مغادرة منصبه عين كرد زنغنه عضوا منتدبا وعضوا بمجلس إدارة شركة قابضة تسيطر عليها ستاد وتدعى “توسعه اقتصاد آينده سازان” أو (تيكو) وفقا لبيانات إيرانية. وفي يونيو الماضي فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على تيكو قائلة إنها “أنشئت في إطار استراتيجية إيرانية للتحايل على العقوبات الأمريكية والدولية.” ويعمل كرد زنغنه حاليا أيضا رئيسا لمجلس ادارة سبحان فارما جروب وفقا للموقع الالكتروني للشركة. والشركة إحدى أكبر شركات الأدوية التابعة لستاد وتشير بيانات للبورصة إلى أن قيمتها تبلغ حوالي 181 مليون دولار.
Powered by WPeMatico
لا دلائل