قالت مؤسسة كارنيجى الأمريكية للسلام الدولى، إنه على الرغم من الاضطرابات التى تشهدها مصر وما قد تؤدى إليه من ظهور الجماعات لإسلامية العنيفة من جديد، إلا أن تلك الجماعات تواجه تحديات تنظيمية ستحول على الأرجح دون تكرار الحركات الإرهابية التى نشأت فى تسعينيات القرن الماضى.
وفى التقرير الذى كتبه جيروم دريفون، طالب دكتوراة فى العلاقات الدولية فى جامعة دورهام، يقول إن تنظيما جهاديا سلفيا يطلق على نفسه اسم “تيار السلفية الجهادية” أعلن الحرب مؤخرا على القوات المسلحة المصرية دعما للإخوان، فيما اعتبرت مجموعة إسلامية أخرى تعرف بأنصار الشريعة أنه من واجب المسلمين المصريين أن يجمعوا الأسلحة ويخضعوا للتدريب العسكرى استعدادا للمواجهة المحتملة المقبلة فى مصر.
وأكد التقرير أنه على الرغم من هذه التصاريح المتشددة الصادرة من مجموعات تعمل فى الخفاء، من المستبعد أن تشهد مصر عودة إلى التمرد العنيف الذى رزحت البلاد تحت وطأته فى التسعينيات.
ويمضى التقرير قائلا إن المنظمات القتالية الحالية والسابقة فى مصر قد شهدت تطوراً كبيراً منذ التسعينيات، وهكذا فإن الوجود المستمر لفرقاء كانوا فى الماضى متورطين فى نزاع طويل مع الدولة، لايقدم فى ذاته توقّعاً دقيقاً عن الاتجاه الذى يمكن أن تسلكه مصر.
ويرى الكاتب أن اللافت فى هذا الإطار هو أن الجماعة الإسلامية التى كانت تتصدر فى السابق المعارضة العنفية ضد النظام فى مصر، باتت الآن فى وضعية مختلفة جوهرياً؛ ومن المستبعد جداً أن تلجأ إلى العنف من جديد فى المستقبل القريب.
وأضاف الكاتب أنه أصبح للجماعة ذراع سياسى يُعرَف بحزب البناء والتنمية أثبت نضوجه السياسى واعتداله فى المواقف التى اتّخذها فى العامَين الماضيين، كما أظهر قادة الجماعة، انطلاقاً من رفضهم للعنف بالاستناد إلى المراجعات الأيديولوجية التى أجرتها الجماعة الإسلامية فى العقد المنصرم، فهمهم للمشهد السياسى المصرى بعد ثورة 2011، فهم لم يكتفوا مثلاً بإدانة الدعوة إلى العنف التى وجهها أنصار القيادى السلفى حازم أبو اسماعيل بعد استبعاده من الانتخابات الرئاسية العام الماضى، بل رفضوا أيضاً تقديم الدعم السياسى له أو لمحمد مرسى فى تلك المرحلة، وفضلوا تأييد البرنامج الأكثر شمولاً للمرشح المعتدل أبو الفتوح.
على المستوى التنظيمى، يتابع الكاتب، فقد أصبحت الجماعة الإسلامية الآن مجرد ظلّ لما كانت عليه فى الثمانينيات، عندما كانت تتمتع بشعبية واسعة فى مختلف أنحاء البلاد، فهى تعانى حالياً من محدودية فى شعبيتها وإجهاد فى مواردها، ما يجعلها غير قادرة على استعادة العلاقة الخلافية التى كانت تجمعها بالدولة فى التسعينيات، ففى ذلك الوقت، كانت الجماعة الإسلامية تتمتع بين البعض بشعبية إذ كانوا يرونها حركة ثورية ويتعاطفون معها، فظهرت بمثابة بديل عن الدولة السلطوية، ما شجع عدداً كبيراً من الشباب من الطبقة العاملة المحرومة على الانضمام إليها، لكن هذه المعطيات ساهمت فى انطلاق دورة من العنف فى مواجهة الأجهزة الأمنية، خلافاً لإرادة قيادات الجماعة، سواء كانوا فى السجن أو فى الخارج، فى ذلك الوقت، وأكد الجيل الجديد رفضه للجماعة الإسلامية جملةً وتفصيلاً، وهذا ما أقر به مفتى الجماعة، الشيخ عبد الآخر حماد، الذى قال إنها فشلت فى الوصول إلى الجيل الجديد الذى وقع تحت تأثير “الشيخ جوجل”، بحسب تعبيره، ولذلك من المستبعد إلى حد كبير أن تعود الجماعة إلى ماضيها العدوانى، انطلاقاً من هذه الوقائع الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية الجديدة.
Powered by WPeMatico
لا دلائل