أكد محمد دحلان، القيادى السابق بحركة فتح الفلسطينية، أن خطاب إسماعيل هنية، الصادر أمس الأربعاء 21 أغسطس 2013؛ (والمتمحور حول الشراكة السياسية)، يؤشر إلى حالة من تغيير فى اللغة، وتمسك فى جوهر الانقلاب، ودعوة القوة الأخرى تحمل أوزار أخطاء حماس وتحالفاتها، ولا يؤشر إلى إعادة نظر فى طروحات الحركة السابقة، سواء ما اتصل منها بالمفاهيم والأفكار أو بالأساليب (الحاجة للدفاع عن سيطرة حماس على قطاع غزة).
وأضاف “دحلان”، عبر تدوينة له على الـ”فيسبوك”، أن الخطاب أيضا لا يمثل تغييرا لخطابه السياسى والممارسة العملية للحركة الذى ساد خلال العقد الأخير؛ والذى تمحور حول التعالى على الواقع، وبناء عالم مواز له بمعزل عن قوى المجتمع الفلسطينى قاطبةً؛ من خلال تكريس مفهوم الهيمنة واحتكار السلطة وممارسة الإقصاء السياسى والعنف المنظم؛ ذلك فى إطار خدمة مشروع يعتقدون بأنه أكبر من المشروع الوطنى الفلسطينى “مشروع الإخوان المسلمين” على امتداد الوطن العربى.
وتابع: هذا التحول النظرى فى لغة الخطاب السياسى لا يمكن تفسيره بمعزل عن متغيرات البيئة المحيطة؛ سواء ما اتصل منها بالبيئة الإقليمية أوالمحلية؛ فعلى مدار السنة الماضية، تآكلت جميع أركان الدعم الرئيسية التى تستند إليها حركة حماس بدرجة أو بأخرى؛ وعلى المستوى الإقليمى بدا المشروع العام لصعود الإسلام السياسى للحكم ليس فى حالة تراجع فحسب وإنما دخل فى مرحلة التصدع؛ ويؤشر ما حدث فى مصر من هزيمة الحركة الأم “جماعة الإخوان المسلمين” إلى أن الحركة فقدت مصدر قوة كبيرًا شكل لوقتٍ قريب ضامناً لسيطرتها على قطاع غزة؛ إضافة إلى ما تشهده النماذج الأخرى من حكم الإسلام السياسى من حالة تراجع؛ وتؤشر أحداث ميدانى (جيزى وتقسيم) فى تركيا إلى أن النموذج الملهم لحكم الإسلام السياسى بدأ يشهد مناهضة شديدة؛ كما أن النموذج التونسى بدا متعثراً ويواجه معارضة شديدة؛ إلى جانب أنها تعانى من تعثر علاقاتها مع حلفائها الاستراتيجيين “حزب الله – وسوريا وإيران”، وتحويل أنقرة اهتمامها إلى الأزمة السورية.. وأزماتها اللامتناهية.. فى حين أجرت قطر تغييراً فى القيادة والتفتت إلى ترتيب أورقها الداخلية وإعادة تقييم دورها الإقليمي، ما ألقى بظلاله على المستوى الداخلى للحركة، وأثراً لما سبق من خسارة للحلفاء حدث خلاف داخل قيادة الحركة حول العلاقة مع إيران وحزب الله وسوريا.
وأشار إلى أنه مع تدهور الظروف الاقتصادية، وإغلاق الحدود مع مصر بشكل محكم، والاقتصار على فتح معبر رفح بأدنى طاقته الاستيعابية ولفترات متقطعة، وإغلاق المئات من أنفاق التهريب التى حصلت حماس عن طريقها على العديد من المزايا والسلع الضرورية والأموال، إلى جانب تكريس حالة من الاستبداد السياسي؛ والإعلامى؛ وقمع الحريات المختلفة، فإن الأمن والاستقرار لا يمكن تحقيقهما بالقوة والبطش وحده، وإذا لم توجد درجة من التنمية الحقيقية تكفل نمطاً من الحياة الكريمة، وتضمن الحريات الأساسية للمواطنين، فإن الأمن والاستقرار يصبحان أمراً مستحيلاً؛ وتؤشر تجربة التاريخ إلى أن الشعوب لن تخضع للقهر والاستبداد إلى ما لانهاية؛ وعلى النقيض تماماً عندما يتوفر مستوى معقول للمعيشة، وينظم الناس مواردهم الإنسانية والطبيعية ليوفروا لأنفسهم ما يحتاجونه وما يتوقعونه من الحياة، ويتعلموا أن يوفقوا فى سلام بين المطالب المتنافسة فى ظل الصالح الوطني، تقل الحاجة للجوء للعنف؛ وينتفى ظهور حركات احتجاجية كحركة تمرد فى مصر؛ وشباب 25 آذار وحركة تمرد الفلسطينية.
واستكمل دحلان: وفقاً لهذا المنظور فإن التغيير اللفظى فى الخطاب السياسى لحركة حماس لم يكن نتاج مراجعات وإعادة نظر فى طروحاتها السابقة، سواء ما اتصل منها بالمفاهيم والأفكار أو بالأساليب أو الاستراتيجيات؛ الحركة تعانى من أزمة داخلية وعزلة إقليمية متصاعدة، إلى جانب تراجع المشروع الكلى للإسلام السياسي؛ وفى هذا السياق فإنها تسعى للخروج من أزمتها وعزلتها مع المحاولة لإطالة أمد الهيمنة على قطاع غزة؛ هذا ما بدا واضحاً فى دعوتها الفصائل للمشاركة فى محاولة إشراك القوى السياسية بمشاركتهم فى تحمل أعباء حماس وغزة ويعبر ذلك عن رؤية مجتزئة وقاصرة تعالج الأمور على المدى القصير؛ فالقضية أكبر من غزة ومرتبطة بالمشروع الوطنى الجمعى؛ ويكمن العلاج بعيد المدى فى المصالحة الوطنية التى فتح أبناء “فتح” أبوابها وما زالت مشرعة؛ فى حين رفضتها حركة حماس.. ووضع استراتيجية لتحقيق المصالح الوطنية وليس المصالح الحزبية.
Powered by WPeMatico
لا دلائل